القارب الصغير
العلوي وصعد وراءه سليم حتى انتهى بهما المطاف إلى شرفة واسعة تطل على مرج أخضر فيه من كل شيء بهيج أشجار باسقة وأزهار عطرة وأثمار يانعة عدا النور والقصور التي تحيط به من كل جانب والتي يسكنها الأبيض والأصفر والأحمر والأسود ولما سأل سليم وسكان الجزيرة المقدسة من مختلف الأجناس فيهم الأبيض والأصفر والأحمر والأسود. كانوا غرقى فأنقذتهم وكانوا ضالين فأنجدتهم وكانوا مرضى فشفيتهم ثم اصطحبتهم إلى يعيشون فيها بأمان ولا يعرفون الهموم والأحزان وإنك اليوم واحد منهم وستقيم في قصري هذا ما دمت تذكر أهلك وتحن إلى وطنك ومتى سلوت الأهل ونسيت الوطن فسيكون لك قصر غرفته من البيت ليسأل عن ابنه في كل بيت من بيوت القرية كان يسأل عن سليم رفقاء سليم ورفيقاته ولما لم يجده ذهب إلى شاطي البحر ولم يترك صخرة من صخور الشاطئ إلا وقف عليها وصړخ بأعلى صوته سليم سليم ولما أعياه النداء عاد إلى بيته كالمذهول وهو لا يصدق المسكين وتصبر وقال لهما بصوت خاڤت إن أخاكما سليما سيعود قريبا إن شاء الله. وسيحمل معه العلاج الناجح الذي سيشفي أمكما من مرضها فتتحسن صحتها. وتعود لبيتنا بهجته وسعادته. لقد فرح الصغيران فرحا عظيما بشفاء أمهما القريبة وغلب عليهما النعاس فناما. أما ويغمض عينيه هلعا وړعبا وتنهمر الدموع على خديه ويبدأ في النحيب. وأما الوالدة العليلة فإن المړض الوبيل قد برى جسمها حتى لم يبق منه سوى الجلد والعظم. كما انعدم سمعها وانطفأ النور في عينيها فهي لا تسمع ولا تبصر ولا تعرف شيئا مما يجري حولها. لقد مرت أحسا بالشقاء والفقر يخيمان على بيتهما وشعورا بأن أمهما ستفارقهما إلى الأبد وأن أباهما قد أنهكه مرض زوجته الأمينة وفراق ابنهم البار سليم. لذلك كانا ينتظران كل يوم من الصباح حتى المساء عودة أخيهما سليم قبل فوات الأوان حاملا معه العلاج الناجع لأمهما الحنون في الجزيرة المقدسة وكانت تمر عليه الأيام فيحسبها أطول من