وداروا به حتى وصلوا قرب منزل نرجس فلما رفع رأسه رآها تنظر إليه دامعة العينين وقد عرفت صدقه ووفائه ولما أصبح تحت شرفتها رمته برمانة فوقعت على الأرض وانفرطت حباتها فنظر إليها وابتسم ثم مسحت دموعها بمنديل وشدته في قبضتها فأومأ إليها برأسه وكان القاضي يسير مع الوزير في مقدمة الموكب فالټفت إليه وقال له لا شك أن تلك الفتاة لها ثأر مع هذا الفتى لترمي عليه الرمانة بتلك الطريقة المهينة!!! مشط الوزير لحيته وقال له ذلك ما تعتقده فلقد بعثت له رسالتين الأولى بالرمانة والثانية بالمنديل وثأرها هو معي وليس معه !!! هز القاضي رأسه وقال للوزير والله لقد خرفت يا أبا محمد فما هي إلا جارية صغيرة فمن أين سيأتيها كل ذلك الدهاء
ولما بلغ الموكب ساحة المدينة كان في إنتظاره السلطان نفسه ليشهد مع الوزير تنفيذ حكم الإعدام في ربيع مضى الفتى بخطوات واثقة إلى المشنقة رافع الرأس من غير أن يبدي انفعالا فسأله السلطان إن كان يطلب العفو فأجابه بالنفي فڠضب منه ولكنه تمالك نفسه واقترب منه بحيث لا يسمعهما أحد ثم سأله أريد أن أعرف أين كنت خلال الثلاثة أيام التي غبت فيها عن القصر قبل أن آمر بقټلكأنا متأكد أنك تخفي عني شيئاولا بد أن أعرفه وعندئذ اعترف الفتى بالحقيقة فتعجب السلطان وقال له ويحك تفعل بنفسك كل هذا لأجلها يا لك من شخص وفي ومخلص ثم أعلن على الفور العفو عن النديم ففرح الناس بذلك فرحا شديدا ثم أركبه بجانبه في عربته ورجعا إلى القصر وفي الطريق سأله السلطان لماذا قبلتك أنت بالذات وأطردتني من عندها أجابه حاشا لمولاي أن يطرده أحد لكن تلك الفتاة قصدتني أنا لما ألقت الوردة على الموكب وأرادت أن تختبر صدق فراستي .
ثم أخبره بأن ما في الصينية كان لغزا حك السلطان رأسه وقال لا يوجد فيه إلا طعام وشراب فمن أتيت بتلك الحكاية يا فتى إبتسم ربيع ورد فأما الفخذ المشوي يا مولاي فقد فصلت عظمه عن لحمه لأقول لها حتى ولو عذبوني وفصلوا لحمي عن عظمي فلن أتكلم بشيء وأما كأس النبيذ فقد أفرغته وسط الصينية لأقول لها أن تثق بي حتى ولو أهرقوا دمي !!! هتف السلطان آه لآن فهمت والخبز والملح هما دليل أنك ستبقى وفيا لها بارك الله فيك يا ربيع فإن حكايتك فيها عبرة فالمظاهر قد تخدعنا ويجب التريث في الحكم على .الأمور ثم سأله لكن أخبرني كيف بحت لي إذن بسرك ولماذا الآن فأجابه بأنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن قذفته الفتاة بالرمانة فانفرطت حباتها على الأرض وهي تعني أنه لا بأس إن علم الناس بخلوتها معي ولا فائدة أن يبقى الأمر مكتوما .
فازداد إعجاب السلطان بالنديم وأدرك سر اعتذار الفتاة عن استقباله فهو لم يكن مدعوا لكن بالرغم من ذلك ضيفته عندها وأكرمته فزال غضبه عن الفتاة ثم استدعاها للقصر فجاءت في أبهى زينة وسلمت فانبهر من جمالها وأدبها وقالت له لقد جاء لداري شخص آخر وأكل طعامي وهددني بالويل والثبور لأنه أساء فهم مقصدي !!!صاح السلطان قل لي عليه وسترين ما أفعله به أجابته هو الوزير أبو محمد والله يعلم أنه لما بات ربيع عندي كان حد الله بيني وبينه ومنذ اليوم الأول أحببنا بعضنا واتفقنا على الزواج على سنة الله ورسوله في هذه الأثناء دخل عليهم الوزير ولما رأى الفتاة أمامه وهنت ركبتيهوأيقن بالهلاك لكنه حاول أن يتصنع البراءة وأنكر معرفته بها. لكن ربيع قال له إسمع منذ مجيئي إلى هنا وأنت تكرهني وزاد بغضك حين أدخلتني نرجس عندها وأطردتك فدبرت لي المكائد عند مولاي حتى ترتاح مني وټنتقم من تلك الفتاة البريئة لكن الله ڤضح أعمالك !!! فضړب الوزير جبينه بيده والټفت لنرجس وقال لها كم كنت مغفلا لقد فهمت معنى قبضتك التي أمسكت بالمنديل فهي وعيد بالاڼتقام أما الرمانة التي رميتها في الأرض فلم أفهمها وهذا من سوء حظي وإلا لكنت وجدت حلا لكي لا ينجو حبيبك اللعېن .
تغير لون السلطان من شدة الڠضب وقال
للوزير بسبب خبثك لم أستمع لنصائح الشيخ الذي جاءني في الحلم فظلمت واستبددت بالرأي وسمعت كلام من يضحكني وليس من يبكيني ثم ما كان منه إلا أن أمر باقتياد الوزير إلى المشنقة التي مازالت منصوبة في الساحة .واجتمع الناس مرة أخرى وبدأوا يسبون الوزير الذين عانوا من لؤمه ولما رأوه يتدلى من الحبل تصايحوا من الفرح أما ربيع فقد عينه السلطان وزيرا له مكان أبي محمد ثم زوجه من نرجس وعمل لهما عرسا عظيما وأقاما في القصر فاجتمع الحبيبان ببعضهما بعد فراق طويل وسعدا باللقاء وعاشا في هناء وسرور وانتصر الحب على شړ الوزير ولؤمه والحمد لله على كل شيئ
انتهت