حكاية رحلة اثام بقلم منال سالم
ده هزت رأسها متمتمة وهي تسرع الخطى طيب ظلت عقيلة باقية في مكانها للحظة إلى أن اختفت عن أنظارها فعاودت أدراجها للصالة وواصلت الحديث الودود مع ضيوفها ريثما تنضم إليهم ابنتها المتدللة هرولت فردوس لداخل الحجرة لتجد شقيقتها تجلس باسترخاء على السرير وكأن شأن من بالخارج لا يعنيها كليا تأملتها مدهوشة لهنيهة لتقوم بعدها بالاقتراب منها وتهتف في إنكار عجيب الناس أعدين برا مستنينك وإنتي مريحة كده رمقتها بنظرة فاترة باردة لا تلقي بالا لصوتها القلق بقيت على استرخائها الهادئ وفردوس لا تزال تصيح بها في توتر متصاعد يا تهاني أنا بكلمك بقولك العريس برا هو وأهله سألتها بإيماءة من رأسها وإيه يعني أجابت على سؤالها بآخر مغلف بالدهشة مش هتطلعي تقابليهم وسدت ذراعها خلف رأسها المستريحة على الوسادة وجاوبتها بعد تنهيدة متململة أنا قولتلكم رأيي من بدري أنا مش موافقة على العك ده لطمت فردوس على صدرها وشهقت صائحة أمك هتروح فيها لو ماطلعتيش دلوقتي استلقت تهاني على جانبها وقالت بعدم اكتراث مستفز وأنا مش هعمل حاجة ڠصب عني خاطبتها بلين الكلام علها تقتنع وتتخلى عن عنادها الأحمق محدش بيغصبك على حاجة بس الناس في بيتنا ودي وحشة في حقنا هنتفضح جاء ردها على نفس القدر من عدم المبالاة مش فارق معايا كشحوب المۏتى بدا وجه فردوس هكذا بعدما أدلت بدلوها في هذه المسألة الحرجة لذا دون تفكير انحنت عليها ترجوها بنبرة متوسلة للغاية يا تهاني الله يرضى عليكي اطلعي اقعدي شوية لحد ما يمشوا وبعد كده يحلها ألف حلال ضجرت تهاني من إلحاحها السقيم وصاحت بصبر نافذ وهي ترفع رأسها عن الوسادة أوف ماشي بس ماتزعلوش من اللي هيحصل بعد كده بعد عشر دقائق من التلكؤ والمماطلة خرجت تهاني أخيرا من الغرفة وهي بالكاد تبتسم لم تضع في وجهها إلا قدرا معقولا من مساحيق التجميل ولم تترك شعرها منسابا بل جمعته كعكة واكتفت بارتداء أحد أثواب عملها الرسمية ترفعت في الرد على ضيوف والدتها ومنحتهم المقتضب من الكلام بعدما جلست مجاورة لعريسها المرتقب تطالعه بنظرات دونية غير راضية ظنت عقيلة أن الزيارة ستمضي على ما يرام إلى أن وجهت ابنتها سؤالها ل شفيق بتحفز غامض وإنت جايب الشقة بتاعتك فين بقى تلجلج وهو يخبرها بشكل ملحوظ احنا في الأول هنسكن في أوضة هنا آ صدمها بردها الهادم لكل أحلامها المبنية على عيشة الرغد والرفاهية لهذا قاطعته فجأة بنبرة حادة جعلت الجميع يتوقعون الأسوأ أوضة ما أنا ماسك مقاولة في عمارة جديدة وصاحب العمارة واعدني هاخد شقة لما العمارة تتشطب كټفت ساعديها أمام صدرها ووضعت ساقا فوق الأخرى وهي تسأله بصيغة تهكمية والمفروض أنا أسكن فين لحد ما تخلصها أخرج شفيق منديلا قماشيا من جيب بنطاله جفف به عرقه المتجمع عند جبينه وأجاب وهو يرفرف بجفنيه ما أنا بقول هناخد حاجة محندقة كده لحد ما ربنا يعدلها سددت له تهاني هذه النظرة المخيفة فما كان منه إلا أن اقترح بنزق ولو عاوزة نسكن مع أمي فهي معندهاش مانع ثم الټفت تجاه والدته يستأذنها مش كده يامه أومأت برأسها وهي تؤكد له وماله البيت واسع ويساع من الحبايب ألف أتى تعقيب تهاني جافيا قاسېا وهي تحدج كليهما بنظرات ڼارية متعالية أنا ما بسكنش مع حد سرعان ما تراجع شفيق عن اقتراحه وقال متمسكا بأمله المعقود عليها في الظفر بها كزوجة مناسبة يبقى نشوف حاجة على أدنا وده وضع مؤقت زي ما قولت انتقلت تهاني لسؤالها التالي بوجه مشدود وافرض الوضع ماتعدلش معاك هتتصرف إزاي ألقى نظرة سريعة تجاه والدته وعاود التطلع إليها وهو يجاوبها الحمدلله أنا راجل كسيب والقرش بيجري في إيدي هنا جاء تعليقها متعاليا وبه شيء من الإهانة إليه بس إنت شايف إنك مناسب ليا أحس بانتقاص قدره من كلامها الموحي وسألها مباشرة ليتأكد من ظنونه مش فاهم عدم اللامؤاخذة أوضحت له ببساطة يعني أنا دكتورة وشغالة في الجامعة وإنت ثم أعطته هذه النظرة الاحتقارية قبل أن تختتم جملتها نقاش عندئذ تكفلت والدته بالرد عليها بعصبية ظاهرة في صوتها الراجل مايعبوش إلا جيبه التفتت تنظر إليها بغرور وهي تكلمها ده بمفهوم زمان لكن دلوقتي الوضع اتغير في معايير تانية لاختيار الزوج ثم حولت ناظريها نحو شفيق متابعة وأظنك ماتقدرش توصلها هبت والدته واقفة وهي توجه عتابها لصاحبة البيت هو احنا جايين نتهزق هنا ما تقولي حاجة يا ست عقيلة نهضت هي الأخرى بدورها وصاحت في ابنتها جرى إيه يا تهاني بالراحة شوية مش كده ببطء مغيظ قامت تهاني من مقعدها لترد ببرود جعل الجميع يستشيط ڠضبا أنا بحط النقط على الحروف وأظن ده من حقي زي ما هو اتفرج ونقى واختار العروسة المناسبة ليه أنا كمان من حقي أشوف العريس اللي يليق بيا خرجت والدة العريس عن طور هدوئها لتهدر في ابنها بحنق مبرر قولتلك من الأول دي شايفة نفسها وماتنفعكش وجه نظرة ڼارية نحو تهاني قبل أن يومئ برأسه هاتفا وهو يهم بالرحيل الظاهر كان معاكي حق بينا يامه ضړبت عقيلة كفها بالآخر وهي تردد بتحسر بائن على كامل ملامحها لا حول ولا قوة إلا بالله هاقول إيه بس ما إن خرج شفيق من المنزل حتى صفق الباب خلفه بقوة لترتج أركان المنزل لامتها فردوس في التو بعبوس متجهم عاجبك كده جلست بأريحية في مكانها وعلقت باسمة بزهو الباب اللي يودي كادت مقلتاها تبرزان وهي تزيد من عتابها لتشعرها بفداحة خطئها ده عريس لقطة صعب يتعوض قوست شفتيها مغمغمة في هدوء بارد اتجوزيه إنتي بحزن بدأ يحتل تعابيرها جلست فردوس على الأريكة وقالت پألم يا ريته كان جاي عشاني بس كل اللي بيجي هنا البيت عايزك تطلعت شقيقتها ناحيتها في استعلاء قبل أن تخبرها وأنا مش هرضى بأقل من اللي أستحقه رمقتها فردوس بنظرة يائسة ما لبث أن تحولت للقهر حين أتمت جملتها الرخيص ما يرضاش إلا بالرخيص حاولت لملمة ما تبعثر من كرامتها فنهضت من مجلسها وردت بنبرة جريحة خليكي إنتي بصة كده للعلالي لحد ما تقعي على جدور رقبتك تتكسر وساعتها مش هتلاقي غير الرخيص يداويكي تركتها بمفردها وابتعدت وهي تذرف الدموع الحاړقة من عينيها تأملتها والدتها بنظرة متعاطفة قبل أن تتجه إلى ابنتها الناقمة وقفت قبالتها وشملتها بنظرة غاضبة لتستطرد بعدها أنا مش عارفة أقولك إيه على الفضايح دي حافظت تهاني على ثبات بسمتها الصغيرة حين ردت وهي تقوم واقفة ولا فضايح ولا حاجة ده عرض وطلب وطلبه مرفوض لوحت عقيلة بيدها في الهواء مكملة بنفس الصوت الغاضب أنا غلبت معاكي ومعنتش هتحشرلك في حاجة ردت عليها بهدوء يا ريت وعموما هي كلها فترة صغيرة وأسيب لكم الدنيا وأمشي تفاجأت بعزمها على السفر بعيدا فاحتدت نظراتها إليها وهي تسألها كمان إنتي برضوه مصممة على كده أجابت مؤكدة بتصميم أظهر عدم تراجعها مطلقا ده مستقبلي ومش هضيعه بدأت أنفاس عقيلة تضطرب وسألتها في انفعال مستنكر تقومي تتغربي لوحدك في بلد الله أعلم هيحصلك فيها إيه وإنتي مش معاكي حد بعجرفة ما زالت تسود فيها ردت أنا مش صغيرة وعارفة كويس مصلحتي فين ومع مين ثم ركزت بصرها عليها لتتابع دون أن يرف لها طرف ومش هسمح لحد يمنعني أو
تجلس به ريثما